اسطورة الحب
يقال ان الله خلق الحب في صورة رجل
جميلا له عينان ملونتان جمعتا بين زرقة
الانهار وخضرة الاشجار ثم انزله الي
الارض لكن الحب لم يستمتع بسكينته كثيرا .. إذ جاء الجنون في إحدي نوبات غضبه وهياجه صانعا عاصفة رهيبة . وفي زروة هياجه فقأ الجنون عيني الحب فأفقده بصره وقضي علي جمال عينيه هكذا صار الحب منذ هذه اللحظة أعمي الي الابد! راح الحب يبكي حزينا محسورا ..وبعد ان هدأ الجنون نظر اليه.وأحس بالندم الشديد علي فعلتة وأراد أن يكفر عنها ....فقرر أن يقضي بقية حياته مرافقا للحب...يقوده ويوجهه ..ومن يومها صار الجنون قرينا للحب ! ثم جاءت الغيرة..كانت امرأة قبيحة سوداء الجسد ممزقة الملابس شعرها مهوش وأبيض كالقطن .لها عين واحدة في منتصف وجهها لا تري بها إلا أقرب الاشياء المواجهه لها.ولا تستطيع النظر يمينا أو يسارا .ذهبت الغيرة الي الحب الاعمي وصديقه الجنون وقالت لهما :-انا وحيدة بلا رفقة ..اصحباني معكما في طريقيكما فسأكون ذات فائدة لكما في مهمتكما الصعبة .
نظر لها الحب والجنون بتشكك ولكنها اكملت :-سأربط القلوب الي بعضها بنار لا تخمد .
قال الحب :قد تشعل النار القلوب نفسها فتحرق كل شئ
وقال الجنون وقد تخمد تماما ويزول الحب .
قالت الغيرة:ولكنكما بدوني لن تفعلا شيئا..جرباني.هكذا رافقت الغيرة الحب والجنون وصارت تتحرك معهما أينما ذهبا .
شاعرة بالامتنان. اخرجت الغيرة من جعبتها قطعة زجاج مصقولة ومنحتها للحب قائلة:- هذه مرآتك التي سترى عبرها الاشياء وستعوضك عن نور عينيك ..وجه اياها تجاه ما تريد وستراه ليس مثلما يراه الجميع .
تلقي الحب الهدية شاكرا .ونظر فيها ولدهشته وجد نفسه يبصر ووجهها تجاه الغيرة فبانت أمامه امرأة شابة جميلة متناسقة القوام وجهها أبيض كالصباح وشعرها ناعم في حلكة الليل ينسدل علي ظهرها.وقع الحب في غرامها من اول نظرة وقرر أن يتزوجها.
اندهش الجنون وحذره بأن كل ما رآه فالمرآة كذب ؛وقال له:إنها مرآه عمياء مثلك..لكن الحب لم يصدقه. أصر علي موقفه وتزوج بالغيرة ..وهكذا صارت مرآة الحب العمياء هي مرآة جميع المحبين من بعده!
مرت اسابيع وشهور..كان انتفاخ بطن الغيرة يزداد يوما بعد يوم ووهنها يزداد وتقل قدرتها علي الحركة .
حتي جاءت ليلة حالكة السواد غزيرة المطر راحت تصرخ فيها باعلي صوتها .مع الفجر كانت آهاتها قد خمدت ووضعت طفلا.
كان يشبهها كثيرا ولكنه كان بلا ملامح علي الاطلاق .كان وجهه صفحة معتمة بلا عينين أو انف او فم ولم تكن له أذنان أما جسده فكان في لون الدماء .
خاف الجنون وأصابه الزعر حين رآه،ولكن الحب أخرج مرآته ورآه فيها طفلا جميلا .. بل أشد جمالا من أمه.. وكان حجم الطفل يزداد بطريقة مرعبة يوما بعد يوم دونه أن يدركوا تفسيرا لذلك.
هكذا ولد الشك من رحم الغيرة..كائنا لا يري ولا يسمع.. ويتضخم بمرور الايام عليه.
بعد ايام ادركهم التعب ..وكانت بيوت الناس قد اقتربت .كانت ليلة باردة ناموا فيها متلاصقين. وفي الصباح التالي كانوا قد اختفوا،وانصهروا جميعا في جسد واحد: كائن لا يستطيع احد تحديد عمره :يبدو طفلا صغيرا بقدر ما يبدو شيخا طاعنا..يبدون سعيدا ومعذبا.. وديعا وشرسا.. جريئا وجبانا.. كائن غامض ملئ بكل التناقضات.
هكذا استيقظ الحب وصار يحمل بداخله هوس الجنون ونار الغيرة وجحيم الشك،ومضي ليبدأ رحلته بين قلوب البشر..
تعليقات